في عالم تكثر فيه الشبهات وتتنوع التحديات، يبحث الكثير عن ملاذ آمن يحميهم من الشرور، ومنها شر السحر الذي حذرنا منه الشرع الحكيم. وكما يقال “الوقاية خيرٌ من العلاج”، فإن تحصين النفس شرعاً قبل الوقوع في براثن السحر أسهل وأضمن من البحث عن علاج بعد الإصابة به. إليك أهم الأساليب الشرعية لحماية نفسك:


1. تقوية الأساس: الإيمان والعقيدة السليمة:
- التوحيد الخالص: هو أقوى درع. الإيمان الجازم بأن الله وحده هو النافع الضار، وأنه لا يحدث شيء إلا بإذنه، يضعف تأثير أي سحر.
- التوكل على الله: تفويض الأمر كله لله واليقين بأنه كافٍ وحافظ عباده المؤمنين.
- التوبة والاستغفار: المحافظة على التوبة النصوح من الذنوب والمعاصي التي قد تكون باباً للشرور، والإكثار من الاستغفار.
2. المواظبة على الأذكار والتحصينات اليومية:
- أذكار الصباح والمساء: حصن حصين بإذن الله. المواظبة عليها من أعظم أسباب الحماية.
- قراءة آية الكرسي (البقرة: 255): أعظم آية في القرآن، من قرأها عند النام لم يزل عليه حافظ من الله.
- قراءة المعوذات (سورة الإخلاص، الفلق، الناس): ثبت فضلها العظيم في التحصين، خاصة عند النوم وعند الشعور بالخوف.
- خواتيم سورة البقرة (آخر آيتين): من قرأهما في ليلة كفتاه من كل شر.
- دعاء دخول الخلاء والخروج منه: يحمي من شياطين الجن في الأماكن غير النظيفة.
- دعاء دخول المنزل والخروج منه.
3. المحافظة على الصلاة والعبادات:
- الصلوات المفروضة في وقتها: الصلاة عماد الدين ونهج المؤمن، وهي صلة قوية بالله وحماية من الشيطان.
- قراءة القرآن الكريم: تلاوته وتدبره نور وشفاء ووقاية. جعل الله فيه شفاءً ورحمة للمؤمنين. اجعل لك ورداً يومياً.
- الذكر الدائم: الإكثار من “لا إله إلا الله”، “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”، “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.
4. التحصين قبل النوم:
- النفث في اليدين وقراءة المعوذات والإخلاص ومسح الجسم: كما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة.
- دعاء النوم: “باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه…”.
5. التحصين في حالات خاصة:
- دخول مكان مشبوه أو مقابلة شخص يُخشى شره: الإكثار من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقراءة المعوذات.
- الخوف أو الرعب: قراءة “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”.
- رؤية شيء مُخيف أو عند الكرب: دعاء “لا إله إلا الله العظيم الحليم…”.
6. أساليب وقائية عملية:
- حفظ الأسرار: خاصة المتعلقة بالحياة الشخصية والمشاكل الأسرية، فالسحرة يستغلونها.
- عدم التهاون في إعطاء أثر شخصي: كشعر، أو ظفر، أو صورة، أو ملابس، خاصة لمن لا تثق به.
- الابتعاد عن أماكن السحر والمشعوذين: حتى لو كان للاستفسار! زيارة المشعوذين كفر.
- الحرص على النظافة الشخصية والمنزلية: وخاصة إزالة الشعر وتقليم الأظافر والتخلص منها بطريقة سليمة (دفنها مثلاً).
- الاستعانة بالله قبل أي أمر: “بسم الله” عند البدء في أي فعل.
7. الدعاء سلاح المؤمن:
- الإكثار من الدعاء بالحفظ والتحصين: مثل “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم”، و “اللهم أنت حسيبي وأنت ناصري، بك أحول وبك أصول، وبك أقاتل”.
- دعاء الهم والحزن: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن… ومن السحر”.
تنبيهات هامة:
- اجتناب وسائل الوقاية المحرمة: مثل التعليق التمائم (الحروز) التي تحتوي على طلاسم أو غيرها مما لا يفهم، أو اللجوء للمشعوذين والكهان، فهذا من الشرك الأكبر.
- عدم الوسوسة المفرطة: التوكل على الله وعدم الغرق في الخوف من السحر لدرجة تعطل الحياة.
- العلاج الشرعي متاح: إن أصابك السحر -لا قدر الله- فالعلاج موجود بالرقية الشرعية الصحيحة وقراءة القرآن، وطلب العلاج من الثقات المشهود لهم بالعلم والصلاح.
الخلاصة:
الوقاية من السحر ليست تعويذات سرية أو طلاسم غامضة، بل هي سلوك إيماني متكامل يقوم على تقوى الله، والالتزام بكتابه وسنة نبيه، والتحصين بالأذكار الواردة، والحذر العملية، والتوكل الصادق على القادر سبحانه. بتطبيق هذه الأساليب الشرعية بإخلاص ويقين، تجعل -بإذن الله- بينك وبين السحر سداً منيعاً، وتكون قد أخذت بأسباب الوقاية التي هي خيرٌ وأيسر من مشقة العلاج. واحرص على أن تكون هذه العبادات خالصة لوجه الله تعالى، فهي من أعظم أسباب القبول والحفظ.
اترك تعليقاً